تواجه شركات النفط الروسية تأخيرات تصل إلى عدة أشهر في سداد ثمن النفط الخام والوقود مع ازدياد قلق المصارف في الصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة من العقوبات الثانوية الأميركية، وفق ما ذكرت ثمانية مصادر مطلعة، لـ«رويترز».
ويؤدي التأخير في السداد إلى خفض الإيرادات التي تصل إلى «الكرملين» ويجعلها غير منتظمة، مما يسمح لواشنطن بتحقيق أهداف العقوبات السياسية المزدوجة – تعطيل الأموال الموجهة إلى «الكرملين» لمعاقبته على الحرب في أوكرانيا، مع عدم مقاطعة تدفقات الطاقة العالمية.
وعززت مصارف عدة في الصين والإمارات وتركيا متطلبات الامتثال للعقوبات، في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى تأخير، أو حتى رفض تحويلات الأموال إلى موسكو، وفقاً للمصادر المصرفية والتجارية الثمانية.
وبدأت المصارف، الحذِرة من العقوبات الثانوية الأميركية، مطالبة عملائها بتقديم ضمانات مكتوبة بعدم مشاركة أي شخص أو كيان من القائمة المعروفة بـ«SDN» (المواطنون المعينون بشكل خاص) الأميركية في صفقة أو عدم استفادته من أي دفعة.
وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها؛ لحساسية الموضوع، وعدم السماح لها بالحديث لوسائل الإعلام.
وقال مصدران، لـ«رويترز»، إن مصرفين في الإمارات، هما بنك أبوظبي الأول، وبنك دبي الإسلامي، أوقفا عدة حسابات مرتبطة بتداول البضائع الروسية.
في حين قالت أربعة مصادر إن مصارف المشرق الإماراتية، وبنك زراعات وفاكيف التركي، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الصين، لا تزال تعالج المدفوعات، لكن معالجتها تستغرق أسابيع أو أشهرًا.
ورفض بنك المشرق التعليق، ولم يستجب بنكا أبوظبي الأول، ودبي الإسلامي الإماراتي، وبنك زراعات وفاكيف التركي، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الصين، لطلبات التعليق.
وقال المتحدث باسم «الكرملين»، ديمتري بيسكوف، إن مشاكل الدفع موجودة، عندما سئل عن التقارير التي تفيد بأن المصارف في الصين أبطأت المدفوعات.
وقال بيسكوف، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف يومياً: «بالطبع، الضغوط غير المسبوقة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على جمهورية الصين الشعبية مستمرة».
وأضاف بيسكوف: «هذا بالطبع يخلق مشاكل معينة، لكنه لا يمكن أن يصبح عقبة أمام مواصلة تطوير علاقاتنا التجارية والاقتصادية (مع الصين)».
الأمر التنفيذي الأميركي
فرض الغرب عدداً من العقوبات على روسيا، بعد غزوها أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. والتعامل مع النفط الروسي ليس غير قانوني، ما دام يباع بسعر أقل من الحد الأقصى للسعر الذي فرضه الغرب، والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.
وتعطلت صادرات النفط الروسية والمدفوعات الخاصة به، في الأشهر الأولى من الحرب، لكنها عادت إلى طبيعتها فيما بعد مع قيام موسكو بإعادة توجيه التدفقات إلى آسيا وأفريقيا، بعيداً عن أوروبا.
وقال مصدر تجاري: «عادت المشاكل اعتباراً من ديسمبر (كانون الأول)، بعد أن أدركت البنوك والشركات أن التهديد بفرض عقوبات ثانوية أميركية حقيقي».
وكان المصدر يشير إلى أمر تنفيذي صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، نُشر في 22 ديسمبر 2023، حذّر من أنها قد تطبق عقوبات على التهرب من سقف الأسعار الروسي على المصارف الأجنبية، ودعاها إلى تعزيز الامتثال.
وأصبح هذا أول تحذير مباشر بشأن احتمال فرض عقوبات ثانوية على روسيا، مما يضعها على قدم المساواة مع إيران في بعض مجالات التجارة.
وقالت المصادر التجارية إنه بعد الأمر الأميركي، قامت المصارف الصينية والإماراتية والتركية التي تعمل مع روسيا بزيادة التدقيق، وبدأت طلب وثائق إضافية، وتدريب مزيد من الموظفين؛ للتأكد من أن الصفقات متوافقة مع سقف الأسعار.
ويمكن أن تتضمن المستندات الإضافية أيضاً تفاصيل حول ملكية جميع الشركات المشاركة في الصفقة والبيانات الشخصية للأفراد الذين يتحكمون في الكيانات؛ حتى تتمكن البنوك من التحقق من أي تعرض لقائمة «SDN».
وفي نهاية شهر فبراير، اضطرت المصارف الإماراتية إلى زيادة التدقيق في المدفوعات، حيث طُلب منها تقديم بيانات إلى المصارف المراسلة الأميركية والخزانة الأميركية إذا كانت لديها معاملات تذهب إلى الصين، نيابة عن كيان روسي، وفقاً لمصدر مصرفي مطلع على الأمر.
وقال أحد المصادر: «هذا يعني تأخيرات في معالجة المدفوعات لروسيا».
وذكر أن إحدى الدفعات تأخرت لمدة شهرين، بينما قال آخر إن التأخير تراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع.
وقال أحد التجار: «لقد أصبح الأمر صعباً، ولا حتى بالنسبة للمعاملات بالدولار. في بعض الأحيان يستغرق تنفيذ صفقة مباشرة باليوان والروبل أسابيع»، وفق ما ذكرت ثمانية مصادر مطلعة، لـ«رويترز».