الثقافة والفنون
الثقافة والفنون فى روسيا
الأدب والفلسفة
شكل الأدب الروسي في تاريخ الأدب العالمي مرحلة مؤثرة بالكتابة وتنويعات الجمال ووسائل التعبير الكتابية. في القرن الثامن عشر، خلال عصر التنوير الروسي، تعزز تطور الأدب الروسي من خلال أعمال ميخائيل لومونوسوف ودينيس فونفيزن، وفي أوائل القرن التاسع عشر، ظهر بعضا من أعظم الكتاب على الأطلاق. بدأت تلك الفترة والمعروفة أيضا باسم العصر الذهبي للشعر الروسي مع ألكسندر بوشكين، الذي يعتبر مؤسس اللغة الأدبية الروسية الحديثة، وكثيرا ما كان يوصف بشكسبير الروسي. أستمر العصر الذهبي في القرن التاسع عشر مع ميخائيل ليرمنتوف، ونيكولاي نيكراسوف، في الشعر، والمسرحيات مع ألكسندر أوستروفسكي، أنطون تشيخوف، والشعر مع نيقولاي غوغول، وأيفان تورغينيف. ليو تولستوي من عمالقة الروائيين الروس ومن أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر والبعض يعدونه من أعظم الروائيين على الإطلاق. كما أنه روائي ومصلح اجتماعي وداعية سلام ومفكر أخلاقي وعضو مؤثر في أسرة تولستوي، أشهر أعماله روايتي (الحرب والسلام) و(أنا كارنينا) وهما يتربعان على قمة الأدب الواقعي، فهما يعطيان صورة واقعية للحياة الروسية في تلك الحقبة الزمنية. أما فيودور دوستويفسكي فقد كان واحدا من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين، العديد من أعماله العروفة تعد مصدر إلهام للفكر والأدب المعاصر، وفي بعض الأحيان يذكر أنه مؤسس مذهب الوجودية.
في أعقاب الثورة الروسية 1917 غادر البلاد العديد من الكتاب البارزين، والفلاسفة، وكا ن منهم إيفان بونين، فلاديمير نابوكوف، نيقولا بيرديائيف. بينما أنضم جيل جديد من الكتاب الموهوبين معا في محاولة لخلق طبقة عاملة مميزة مناسبة لثقافة الدولة السوفيتية الجديدة. في الثلاثينات تم تشديد إجراءات الرقابة على الأدب تماشيا مع السياسة الاشتراكية. وبحلول أواخر الثمانينات كانت القيود المفروضة على الأدب قد خففت، وبقدوم التسعينات تجاهل الكتاب بصورة متزايدة الخطوط العريضة الرسمية. كان من الكتاب البارزين في الاتحاد السوفيتي، ميخائيل بولغاكوف، ميخائيل شولوخوف، فلاديمير ماياكوفسكي، أندريه فوزنيسينسكي.
الفنون
العمارة
يواصل فن العمارة الروسي على التقاليد التي أرسيت جذوره في الدولة البيزنطية ومن ثم الدولة السلافية الشرقية (روس كييف) وبعد سقوط كييف استمر تاريخ العمارة الروسية في إمارتي فلاديمير–سوزدال ونوفغورود ومن ثم في الدول التي أعقبتها – مملكة موسكو والإمبراطورية الروسية، والاتحاد السوفيتي، وروسيا المعاصرة. عندما اعتنقت روس القديمة المسيحية كانت تعرف السباكة والنحت على الخشب وسك النقود وكان الصاغة الروس آنذاك معروفين في العالم. كان فن العمارة موجودا أيضا إلا أنه من الصعب الآن معرفة درجة تطوره في تلك المرحلة، لأنه لم يصلنا أي شيء يذكر من عصر ما قبل المسيحية: فمنها ما قضى عليها الزمن والجزء الأكبر منه دمره البشر. وهدم المسيحيون بحماس كل ما كان يذكر بتعدد الآلهة. تأثرت العمارة الروسية في الغالب من العمارة البيزنطية، فكانت الكنائس الأرثوذكسية القديمة، مزينة بالقباب الكثيرة، المذهبة أو المطلية بألوان زاهية. جلب فيورافانتي أرسطولي وغيره من المعماريين الإيطاليين، تيارات النهضة إلى روسيا منذ أواخر القرن الخامس عشر. يعتبر القرن العاشر عصر نشوء الدولة الروسية، واتحاد القبائل السلافيية حول كييف، والخطوات الأولى للثقافة المسيحية. وهو قرن الحروب العديدة مع القبائل الرحل، ولهذا فإن أي أثر معماري في هذه الفترة يحمل علامات المباني المحصنة وحتى الكنائس بنيت أخذين بعين الاعتبار إمكانية استخدامها كقلاع. كان القرن الحادي عشر، عصر ازدهار فن العمارة في كييفسكايا روس، ويمكن أن تؤخذ كمثال على فن العمارة في هذا العصر، البوابة الذهبية في كييف المبنية في عام 1037، حيث أستخدمت البوابة للدخول الاحتفالي إلى عاصمة روس القديمة، وتقع في الجزء الجنوبي للمدينة. وكانت هذه البوابة تمثل المدخل الرئيسي للمدينة، وهي إحدى البوابات الرئيسية الثلاث للمدينة والتي بنيت في فترة حكم يارسلاف الحكيم.
كان العصر الحادي عشر، عصر التغيير حيث تم نقل العاصمة، ومقر المطران من كييف إلى فلاديمير. وظهر في الفن المعماري طراز جديد هو طراز فلاديمير–سوزدالسك. عصر مايسمى بطراز باروكو ناريشكين السابق لباروكو الروسي، هكذا سمي القرن السابع عشر وسمي هذا الطراز نسبة إلى عائلة النبلاء ناريشكين. فعليا كانت أسرة ناريشكين أول من بنى الكنائس في الإمبراطورية الروسية على طراز الباروكو، ونظرا لكون جميع القصور التي أنشأتها أسرة ناريشكين على طراز الباروكو تقع في منطقة موسكو لذللك أصبحت تسمية باروكو موسكو مرادفة لتسمية ” باروكو ناريشكين “، ويتفق المؤرخون على أن هذا الطراز يمثل جسرًا يربط بين خصوصية أبنية “موسكو القديمة ” و”موسكو الحديثة “. ظهر الطراز التركيبي في سنوات 1920 – 1930 وكان هو الرد الروسي على طراز باوهاوس الألماني وهو فرع من فروع فن العمارة التكعيبية، وينحصر دور المهندس المعماري بإظهار تركيب المبنى. في أواسط الخمسينات والستينات صدر قرار خروتشوف ب”محاربة التطرف في العمارة” وظهر طراز يعود إلى الخيار الموسيلليني في الطراز التركيبي. في عهد بريجينيف غلبت المباني الموشورية الضخمة، وجلبت الفترة بعد العهد السوفيتي، الفترة تنوعا في فن العمارة الروسي، حيث أمتزجت كل الطرز المعمارية سواء التقليدية الروسية أم الاجنبية. عند الحديث عن فن العمارة الروسية لابد من التطرق إلى ظاهرة مثل (داتشا) وهو بيت في ضواحي المدينة والذي يعيش فيه أصحابه فترة الصيف عادة. ترتبط هيئة البيت بالخيال والإمكانيات المالية لصاحبه.
الموسيقى والرقص
اعتمدت الموسيقى الروسية الألحان والأغاني الفولكلورية لمختلف المناطق والأقاليم الروسية الغنية بها، والتي تتصف بسمات موسيقية متميزة فيما بينها. ويغلب على الموسيقى الروسية استخدام السلم الموسيقي الصغير. يقول المؤلف الروسي ميخائيل غلينكا مؤسس المدرسة الموسيقية القومية الروسية في القرن التاسع عشر: «إن الشعب الروسي هو الذي صنع موسيقاه، ولسنا نحن سوى المنسقين لهذه الموسيقى». ومن معالم الموسيقى الروسية أنها تأثرت بثلاثة عناصر أساسية: الأغاني الشعبية والألحان الفولكلورية الراقصة القومية، والغناء الديني، والأوبرا الإيطالية. بقيت الموسيقى الروسية إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تتكون أساسًا من موسيقى صوتية تؤدى في الكنسية عند إقامة الطقوس وفي أداء الموسيقى الشعبية. وفي عهد الإمبراطورة إليزابث (1741 ـ 1762م) بدأت الموسيقى غير الدينية تزدهر، وخاصة بعد إنشاء أكاديمية الفنون في عام 1757م لتعليم الموسيقى، ولاقت الأوبرا الإيطالية في عهدها إقبالاً وشعبية. كان سيرجي رحمانينوف واحدا من أعظم المؤلفين الموسيقيين في القرن العشرين حيث كان عازفا للبيانو وقائدا للاوركسترا. في عهد كاثرين العظيمة (1762 ـ 1796م) ظهرت أول مجموعة للأغاني الشعبية الروسية في أربعة مجلدات. ويعزى إنشاء مدرسة روسية متميزة للموسيقى الكلاسيكية إلى ميخائيل جلينكا، وذلك في أوائل وأواسط القرن التاسع عشر حين مزج الموسيقى الشعبية والدينية في أعماله الموسيقية مستفيدًا أيضًا من موضوعات من تاريخ روسيا، كما في رائعته رسلان وليودميلا، وهي أوبرا تعتمد على أسطورة كتبها الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين. وفي أواخر القرن التاسع عشر ازدهرت الموسيقى الروسية، وظهر موسيقيُّون من أمثال: موديست مسورجسكي ونيكولاي رمسكي ـ كورساكوف وبيتر إيلتش تشايكوفسكي وألكسندر بورودين. وقد ألّـفوا كثيرًا من الأوبرات والموسيقى الآلية، وكان الكثير من أعمالهم قد قام على أساس التاريخ الروسي والقصص الشعبية (الفولكلور). كان بيتر إليتش تشايكوفسكي أحد نوابغ الموسيقى العالمية حيث ألف السيمفونية الرابعة وأوبرا “يفغيني اونيغين” في موسكو، كما ألف الحان موسيقية للأوركسترا وللمواضيع التاريخية مثل مازيبا وعذراء اورليان، حيث بيّن الموسيقار تاريخ روسيا وفرنسا وأوبراه المشهورة ملكة البسطوني التي ألفها عام 1890 على أساس قصة لبوشكين، وفي أخر حياته ألف أكثر مؤلفاته مأساوية. وهي السيمفونية السادسة. في بداية القرن العشرين أشتهر كل من سيرجيل راتشيانينوف، وإيجور سترافنسكي عالميًا لمؤلفاتهم الموسيقية. كتب سترافنسكي عدة مؤلفات ذات مكانة كبيرة في الباليه، بما في ذلك طائر النار (1910م) وبتروشكا. بدأ الباليه الروسي يكتسب الشهرة على نطاق العالم في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، ومن شركات الباليه الرائدة وإلى يومنا هذا، باليه كيروف في سانت بطرسبرغ ومسرح البولشوي في موسكو.