أخبار
حداد في روسيا على قتلى هجوم قاعة الحفلات الموسيقية
نكّست روسيا الأعلام الأحد في يوم حداد بعد مقتل العشرات بنيران أسلحة آلية في حفل لموسيقى الروك على مشارف العاصمة موسكو في الهجوم الأكثر إزهاقاً للأرواح في روسيا منذ عقدين.
وبحسب «رويترز»، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم حداد بعد أن توعد بتعقب ومعاقبة كل من يقف وراء الهجوم الذي خلف 133 قتيلاً من بينهم ثلاثة أطفال، وأسفر أيضاً عن إصابة أكثر من 150.
وقال بوتين في خطاب للأمة السبت، في أول تعليق علني على الهجوم: «أُقدم أحر التعازي الصادقة لكل من فقدوا أحباءهم… البلد كله وشعبنا كله يعتصره الألم مثلكم».
وأعلن «تنظيم داعش» مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع يوم الجمعة، لكن بوتين لم يشر علناً إلى التنظيم المتشدد عند التحدث عن المهاجمين، بل قال إنهم حاولوا الفرار إلى أوكرانيا، مؤكداً أن البعض في «الجانب الأوكراني» كان يستعد لتهريبهم عبر الحدود.
ونفت أوكرانيا مراراً أي ضلوع لها في الهجوم الذي ألقى بوتين بمسؤوليته أيضاً على «الإرهاب الدولي».
ووضع أشخاص الزهور أمام قاعة كروكوس سيتي للحفلات الموسيقية، التي تتسع لنحو 6200 مقعد، وتقع على مشارف موسكو، والتي اقتحمها أربعة مسلحين يوم الجمعة قبل أن تؤدي فرقة الروك (بيكنيك) التي تشكلت خلال الحقبة السوفياتية أغنيتها الناجحة (أفريد أوف ناثينغ) أو «لا أخشى شيئاً».
وأطلق المهاجمون النار من أسلحة آلية في رشقات نارية قصيرة على المدنيين المذعورين الذين سقطوا وأخذوا يصرخون وسط وابل من الرصاص.
وهذا هو الهجوم الأكثر دموية الذي يقع على الأراضي الروسية منذ حصار مدرسة بيسلان عام 2004 عندما احتجز متشددون إسلاميون أكثر من ألف رهينة من بينهم مئات الأطفال.
واصطفت طوابير طويلة في موسكو للتبرع بالدم. وقالت بنوك الدم اليوم الأحد إن لديها الآن إمدادات من الدم تكفي لمدة أربعة إلى ستة أشهر.
وحملت لافتات إعلانية في أنحاء موسكو صورة شمعة واحدة وتاريخ الهجوم، وعبارة «في حداد». وفي مدن أخرى، وضع الناس الزهور.
وعبّرت دول في أنحاء العالم عن صدمتها من الهجوم، وقدمت تعازيها إلى الشعب الروسي.
مسلحون
قال بوتين إن 11 شخصاً اعتقلوا، من بينهم المسلحون الأربعة الذين فروا من قاعة الحفلات، وتوجهوا إلى منطقة بريانسك على بُعد نحو 340 كيلومترا جنوب غربي موسكو.
وأضاف: «حاولوا الاختباء والتوجه صوب أوكرانيا، حيث كانت هناك، بحسب بيانات أولية، تحضيرات على الجانب الأوكراني لعبور حدود الدولة».
وقالت وكالة الإعلام الحكومية الروسية إنه تم جلب المشتبه في إطلاقهم النار في قاعة (كروكوس سيتي) للتحقيق معهم في مقر لجنة التحقيقات بموسكو.
وقال جهاز الأمن الاتحادي الروسي إن المسلحين كانت لهم اتصالات في أوكرانيا، وتم القبض عليهم بالقرب من الحدود.
وذكرت وكالات أنباء محلية أن المشتبه بهم ربما يمثلون أمام محكمة في وقت لاحق من اليوم.
وأمر بوتين بغزو شامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أشعل حرباً كبيرة بعد ثماني سنوات من الصراع في شرق أوكرانيا بين القوات الأوكرانية من جهة، وأوكرانيين مدعومين من روسيا وقوات موالية لروسيا من جهة أخرى.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه من المعتاد بالنسبة لبوتين «وقطّاع طرق آخرين» أن يسعوا إلى إبعاد أصابع الاتهام عنهم.
وقالت «وكالة أعماق» التابعة لـ«تنظيم داعش» عبر «تلغرام» إن التنظيم أعلن مسؤوليته عن الهجوم. وسيطر التنظيم المتشدد في وقت من الأوقات على مساحات شاسعة من العراق وسوريا. ونشر التنظيم عبر قناته على «تلغرام» مساء السبت ما قال إنها لقطات للهجوم.
وفي لقطات فيديو نشرتها وسائل إعلام روسية وقنوات على «تلغرام» ذات صلات وثيقة بالكرملين، قال أحد المشتبه بهم إنه عُرض عليه المال لتنفيذ الهجوم.
وقال المشتبه به، وهو مقيد اليدين بينما يمسك أحد المحققين بشعره، بلغة روسية ركيكة وبلكنة ثقيلة: «أطلقت النار على الناس».
ورداً على سؤال عن السبب قال: «مقابل المال». وأضاف الرجل أنه تلقى وعداً بالحصول على نصف مليون روبل (ما يزيد قليلاً على خمسة آلاف دولار).
وظهر أحد المشتبه بهم وهو يجيب عن الأسئلة من خلال مترجم للطاجيكية. وأجرى رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان اتصالاً هاتفياً ببوتين بشأن الهجوم.
«تنظيم داعش»
قال البيت الأبيض إن الحكومة الأميركية أبلغت روسيا بمعلومات في مطلع هذا الشهر عن هجوم مزمع في موسكو، وأصدرت أيضاً إرشادات عامة للأميركيين في روسيا في السابع من مارس (آذار). وأضاف: «يتحمل (تنظيم داعش) بمفرده المسؤولية عن هذا الهجوم».
وقالت أدريان واتسون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: «لا يوجد أي تورط أوكراني على الإطلاق».
وعبّر مسؤولون روس عن غضبهم من التعليقات العلنية الأميركية بشأن الهجوم، وقالوا إنه يتعين ترك الأمر للمحققين الروس ليتوصلوا إلى نتائج بأنفسهم.
ووجهت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى توترت علاقاتها مع موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا رسائل تعزية إلى الشعب الروسي.
وإذا كان الهجوم من تنفيذ «تنظيم داعش»، فمن غير الواضح سبب اختيار التنظيم لهذا التوقيت لتنفيذ الهجوم في روسيا.
وحوّل بوتين مسار الحرب الأهلية السورية من خلال التدخل في عام 2015؛ دعماً للرئيس بشار الأسد في مواجهة جماعات المعارضة المسلحة و«تنظيم داعش».